وقد اختلف في دخول أهل الكتاب وغير أهل الكتاب من الكفار المساجد. فذهب مالك رحمه الله تعالى إلى أنه يمنعون من دخول المسجد الحرام وغيره من المساجد، فحمل المشركين على العموم في الكتابيين وغيرهم أو على غير أهل الكتاب، وقالس عليهم أهل الكتاب وقاس على المسجد الحرام سواه. وتأول الآية التي قبل هذه: ﴿ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر﴾، وقوله تعالى: ﴿إنما يعمر مساجد الله﴾، وبمثل هذا كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله واحتج في كتابه بهذه الآية. ويؤكد هذا القول قوله تعالى: ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع﴾ [النور: ٣٦]، وقوله تعالى: ﴿ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب﴾ [الحج: ٣٢] وذهب الشافعي إلى أن الكفار كلهم يمنعون من دخول المسجد الحرام خاصة ولا يمنعون من سواه، فحمل المشركين على العموم أو على الخصوص وقاس ولم يقس على المسجد الحرام سواه ولا تأول الآية التي قبل هذه الآية فأجاز دخول أهل الكتاب وغيرهم فيما عدا المسجد الحرام.
ومن حجته أيضًا ربط ثمامة بن أثال في المسجد. وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يدخل المشركون الذين ليسوا بأهل كتاب في المسجد الحرام خاصة فقصر المشركين في هذه الآية على من ليس له كتاب كعبدة الأوثان ولم يقس على المسجد الحرام سواه فأباح دخول أهل الكتاب في المسجد الحرام وغيره ودخول عبدة الأوثان في سائر المساجد. وذهب جابر بن عبد الله وقتادة إلى أنه لا يقرب المسجد الحرام مشرك إلا أن يكون صاحب جزية أو عبد لمسلم فقصر المشركين على ما عدا هذين النوعين


الصفحة التالية
Icon