ولا يعلم لهما دليل على هذا. وذهب قوم إلى أنه لا يمنع من دخول المسجد الحرام ولا غيره مشرك كتابيًا كان أو غير كتابي ونسبه بعضهم إلى أبي حنيفة وقال الحجة عليه قوله تعالى: ﴿فلا يقربوا المسجد الحرام﴾ [براءة: ٢٨]، قال/ وإن قال أبو حنيفة معناه لا يقربوه للطواف خاصة والحجة أنه يحمل على ظاهره، وظاهره العموم حتى يدل دليل على التخصيص.
واختلف في المشركين هل يدخلون الحرم أم لا. فالجمهور على أنهم لا يمنعون لأن الله تعالى إنما قصر النهي عن المسجد الحرام خاصة فغاية هذا أن يقاس عليه سائر المساجد. وذهب عطاء إلى أنهم يمنعون من دخوله وقال وصف الله تعالى المسجد بالحرام في منع القرب يقتضي منعه من جميع الحرم. وقوله تعالى: ﴿فلا تقربوا المسجد الحرام﴾ مقتضاه الأمر للمسلمين لمنعهم من قرب المسجد الحرام. وقوله تعالى: ﴿بعد عامهم هذا﴾ يريد عام حج أبي بكر وكان عام تسعة من الهجرة. وقوله: ﴿وإن خفتم عيلة﴾ معناه أن المسلمين لما منعوا المشركين من الموسم وهم كانوا يجلبون الأطعمة والتجارة خافوا على أنفسهم من العيلة -وهي الفقر- فوعدهم الله تعالى بأن يغنيهم من فضله. قال الضحاك يفتح عليهم باب أخذ الجزية من أهل الذمة بقوله تعالى: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ وقال عكرمة أغناهم بإدرار المطر عليهم.
(٢٩) - قوله تعالى: ﴿قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله﴾ إلى قوله سبحانه: ﴿وهم صاغرون﴾:
هذه الآية تقتضي أن يقاتل أهل الكتاب حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية.


الصفحة التالية
Icon