وعند نزولها نظر رسول الله ﷺ وسار إلى تبوك. وقد اختلف فيها هل هي ناسخة أم لا. فقال قوم هي ناسخة لما في القرار من الترك لقتال المشركين، وقال بعضهم هي ناسخة لقوله تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ لأن هذه الآية اقتضت أن يقتلوا ولا تؤخذ نمهم جزية، وهذه الأخرى اقتضت أن يقاتلوا إلا أن يؤدوا الجزية. وذهب جماعة إلى أنها ليس بناسخة وأنها مبينة. واختلف في كيفية تبيينها، فقيل إن قوله تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين﴾ أراد به من ليس من أهل الكتاب، وأراد في هذه الآية أهل الكتاب وقيل قوله تعالى: ﴿فاقتلوا المشركين﴾ عام للصنفين وللأحوال إلا أنه خصص من ذلك العموم بآية الجزية من أدى الجزية خاصة وهو أحسن ما يقال في ذلك. وقوله تعالى: ﴿الذين لا يؤمنون بالله﴾ هم أهل الكتاب كما فسره تعالى بعد ذلك، وأهل الكتاب معترفون بالإيمان بالله تعالى فيحتمل هذا الإيمان ثلاثة تأويلات: أحدها: أنهم لا يؤمنون بكتاب الله وهو كما فسر تعالى بعد ذلك. والثاني: أنهم لا يؤمنون برسوله ﷺ لأن تصديق الرسل إيمان بالرسل. والثالث: أن منهم من يقول في الله تعالى ثالث ثلاثة وعزير ابن الله فلذلك نفى عنهم الإيمان.
وقوله تعالى: ﴿ولا باليوم الآخر﴾ فيه أيضًا تأويلان: أحدهما: لا يخافون وعيد اليوم الآخر وإن كانوا مقرين بالثواب والعقاب. والثاني: أنهم يكذبون ما وصفه الله تعالى من أنواع العذاب.