الآية تعطي بدليل الخطاب ترك أخذ الجزية من غير أهل الكتاب، وقد اختلف في ذلك، فقيل تؤخذ من جميعهم وحكي عن مالك قريب منه. وقيل تؤخذ من جميعهم غير مشركي قريش وهو المروي عن مالك. وقيل تؤخذ من جميعهم ما عدا مشركي العرب، وهو قول أبي حنيفة وإليه ذهب ابن حبيب وابن وهب. وقيل تؤخذ الجزية مما عدا أهل الكتاب وهو قول الشافعي وإلي ذهب ابن الماجشون. فيمن ذهب إلى قول الشافعي هذا احتج بدليل خطاب الآية وبه احتج الشافعي. والحجة عليه أن النبي ﷺ كان يقول لأمراء السرايا: ((إذا لقيتم العدو فدعوهم إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا فالجزية فإن أعطوا وإلا فقاتلوهم)). ولم يخص مشركًا دون مشرك فرفع هذا الحديث دليل خطاب الآية وخبر الآحاد إذا عارض دليل خطاب الآية فمن أهل العلم من يقدم الحديث ومنهم من يقدم دليل الخطاب. وقد توهم أن هذه الآية في جميع الكفار وأنهم أصناف، منهم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وهؤلاء غير أهل الكتاب أيضًا وقوله تعالى: ﴿ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله﴾ من صفة غير أهل الكتاب أيضًا، وقوله تعالى: ﴿ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب﴾ هو وصف أهل الكتاب. وذكروا أن ظاهر هذا يقتضي أخذ الجزية من أصناف الكفار إلا ما قام دليل الإجماع عليه في حق مشركي العرب. قال بعضهم وهذا القول باطل وإنما هي صفات كلها لصنف واحد وهم أهل الكتاب ولو كان على ما توهموا لكان والذين لا يدينون دين الحق فإن قيل حذف الذين وبقي


الصفحة التالية
Icon