القرآن فتقبل منهم الجزية، وحجتنا قوله تعالى: ﴿من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية﴾ فعم. فأما أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى باتفاق فلا خلاف في جواز أخذ الجزية منهم لنص هذه الآية. وأما هل يلزمنا أخذها نمهم والكف عنهم إذا بذلوها لنا أم لا فرأيت لبعض أشياخ الأندلس وحكاه عن أشياخه أن ذلك ليس بلازم لنا وأن الإمام مخير في ذلك، قال والذي يدل على ذلك ما رواه أبو هريرة وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ((يوشك أن ينزل فيكم عيسى ابن مريم حكمًا مقسطًا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)) وموضع الدليل من الحديث قوله عليه الصلاة والسلام: ((ويضع الجزية))، إذ أجمعوا أن معناه أنه لا يقبل أي إلا الإسلام أو السيف. وعيسى عليه السلام ليس ينزل بشرعه القديم ولا بشرع جديد وإنما ينزل بتنفيذ شرع نبينا صلى الله عليه وسلم، فلو كان قبول الجزية في شرعنا حقًا علينا لما أبى عليه السلام من قبول الجزية إذا بذلت له على شروطها ولكنها حق لنا فلذلك لم يقبلها عليه السلام واستمر القتال على القتال حتى يدخل الناس في الإسلام. والذي عندي أن هذا باطل. وقد حكى جماعة من أشياخنا الإجماع على وجوب قبول الجزية نمهم على شروطها المعلومة، وأما استدلاله بالحديث فضعيف لأنه وإن كان عيسى عليه السلام إنما ينزل بشريعة نبينا محمد ﷺ فمن شريعته أن لا يقبل عيسى الجزية من اليهود ولذلك قال نبينا محمد ﷺ ذلك فيجب علينا نحن أن نقبل الجزية بشريعته عليه الصلاة والسلام ويجب على عيسى


الصفحة التالية
Icon