وأما العبيد فلا جزية عليهم أيضًا لأن الخطاب تضمن من يبقى على حاله في الجزية فلا يباح بقتال ولا غيره، ولا يجتمع الرق والجزية، ولأنه مال من الأموال. وأما الرهبان فقال مالك إن كانوا من الكنائس فتضرب عليهم الجزية لأنه لم ينه عن قتلهم وإن كان من أهل الديارات فلا، لأنه نهى عن قتالهم وهذا من مبتدأ حملها. فأما إن ترهب بعد أن طرأت عليه فلا تزول عنه وكان هذا من مالك رحمه الله تعالى إشارة إلى أن الجزية عوض عن حقن الدم. وذهب أبو حنيفة إلى أن لا جزية على الرهبان جملة. قال بعض المفسرين -بعدما ساق الأجزية على الصبيان والنساء والمجانين ورهبان الديارات-: ومن يراعي أن علة الجزية الإذلال أمضاها في الجميع. يريد أن من رأى ذلك على أوجب الجزية على جميع ما ذكره قبل ذلك من النساء وغيرهم. واختلف في العبد الكافر يعتقه الذمي أو مسلم هل عليه جزية أم لا على ثلاثة أقوال في المذهب: أحدها: أن عليه الجزية، والثاني: لا جزية عليه، والثالث: إن أعتقه كافر فعليه الجزية وإن أعتقه مسلم فلا، وهذا إذا أعتق في بلاد الإسلام دون بلاد الحرب. والحجة لمن أوجب الجزية عموم قوله تعالى: ﴿من الذين أوتوا الكتاب﴾ وهذا منهم وهو حر. ويأتي القول الثاني على القول بأنها عوض عن حقن الدماء والفرق استحسان. واختلف في الفقير هل عليه جزية أم لا؟ قال ابن القاسم لا ينقص أحد من أربعة دنانير كان غنيًا أو فقيرًا. وقال أصبغ: يحط بقدر ما يرى م حاله. وقال ابن الماجشون لا يؤخذ من الفقير شيء. وحجة القول الأول ما فعل عمر ولم يفرق بين غني ولا فقير. وحجة سائر الأقوال مراعاة ظاهر الآية في أن الجزية على الاجتهاد. والجزية عندنا إنما تقبل


الصفحة التالية
Icon