ممن كانت تحت قهر المسلمين أمامهم في بلد واحد أو بالقرب ولا يقبل ممن بعد بحيث يخاف أن يمتنعوا، وإن خشي ذلك منهم على القرب لم تقبل إلا أن يهدم سورهم أو يصنع بهم ما يرى أنهم لا يمتنعون بعده، وهذا كله كقوله تعالى: ﴿وهم صاغرون﴾. وإذا صولح الكفار على جزية فهل يجب أن تكون مقدرة أم لا؟
فيه لأصحاب الشافعي قولان: قيل تجب، وقيل لا يجب ذكر مقدار الجزية ولكن تنزل على الأشد، قالوا وهل يصح عقدها مؤقتًا؟ فيه قولان ولو قال الإمام أقركم ما شئت إذًا فقولان والقول بالجواز أولى، ولو قال للذميين ما شئتم أنتم لصح. ولو حاصر الإمام قلعة ليس فيها إلا نساء فبذلن الجزية فهل يجب قبولها وترك استرقاقهم؟ ففيه خلاف بين الشافعية أيضًا والأصح أنه لا يجب وهو الذي يقتضيه ظاهر الآية لأن المأمور بقتالهم إنما هم الرجال المقاتلون وأما وجوب ذكر مقدار الجزية فليس في الآية ما يدل على نفي ولا إثبات. وظاهر جوازها على الإطلاق من غير تحديد. وإذا صولحوا على الجزية فمتى تجب عليهم؟ اختلف في ذلك، فقيل إنها تجب عليهم بأول ما تعقد لهم الذمة ثم بعد ذلك عند أول كل قول وهو مذهب أبي حنيفة وقيل إنها لا تجب إلا بآخر الحول وهو مذهب الشافعي. وليس عن مالك وأصحابه نص في ذلك والظاهر من مذهبه أنها تجب بآخر الحول. وهذا الخلاف يتركب على الخلاف في الجزية هل هي عوض عن حقن الدماء أو عن القرار. فمن رآها عوض عن القرار والمسكن لم يوجب شيئًا إلا بآخر الحول، ومن


الصفحة التالية
Icon