(٤٣) - (٤٥) - قوله تعالى: ﴿عفا الله عنك لم أذنت لهم﴾ إلى قوله: ﴿يترددون﴾:
نزلت هذه الآية بسبب قوم من المنافقين استأذنوا دون عذر، منهم عبد الله بن أبي ورفاعة بن التابوت والجد بن قيس ومن تبعهم. فمنهم من قال: ائذن لي ولا تفتني. ومنهم من قال: ائذن لي في الإقامة. فأذن لهم رسول الله ﷺ استبقاء وأخذًا بالمساهلة وتوكلًا على الله تعالى. وقال مجاهد إن بعضهم قال: نستأذنه فإن أذن في القعود قعدنا وإن لم يأذن قعدنا. وهذا الإذن مما صنعه رسول الله ﷺ برأيه واجتهاده. واختلف هل في الآية عتاب له على ذلك أم لا؟ وقال بعضهم عتاب له في الإذن ولذلك قال تعالى: ﴿عفا الله عنك﴾ فيما يلحقه من هذا وقد ذكر العفو، قبل العتاب وإكرامًا له.
وقال عمرو بن ميمون الأودي إن رسول الله ﷺ صدع برأيه في قصتين دون أن يؤمر بشيء فيهما: أحدهما هذه وقصة أسارى بدر فعاتبه الله تعالى فيهما وقال بعضهم ليس في الآية عتاب بل قوله تعالى: ﴿عفا الله عنك﴾ استفتاح كلام كما تقول أصلحك الله وأعزك الله. ولم يكن منه عليه الصلاة والسلام ذنب يعفى عنه فيه لأن أمر الاستنفار وقبول الاعتذار مصروف لاجتهاده وهذا أظهر. لأن هذا إنما هو من أمور الدنيا. ولا خلاف أن له أن يجتهد برأيه في أمور الدنيا كقصة آبار النخل ونحو ذلك. وقد اختلف في هذه الآيات هل هي منسوخة أو محكمة؟ فذهب جماعة إلى أنها منسوخة بقوله تعالى في سورة النور: ﴿فأذن لمن شئت منهم﴾ الآية


الصفحة التالية
Icon