وفيها من الأحكام والنسخ.
(٢) - قوله تعالى: ﴿يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها﴾:
اختلف في الزلزلة المذكورة هل تكون في الدنيا على من تقوم عليه القيامة أم هي يوم القيامة على جميع العالم. فقال الجمهور هي في الدنيا، والضمير في ﴿ترونها﴾ عائد على الزلزلة وقال هؤلاء إن الرضاع والحمل لا يكون إلا في الدنيا، وعضدوا به مذهبهم. وقال قوم هي في يوم القيامة، والضمير في: ﴿ترونها﴾ عائد على الساعة أي يوم ترون ابتداءها في الدنيا، وإن لم يعيدوا الضمير على الزلزلة لئلا يلزمهم أن يكون الحمل والرضاع في يوم القيامة. وقال بعضهم بل هي في يوم القيامة والضمير في: ﴿ترونها﴾ عائد على الزلزلة، وزعموا أن المراد بكل ذات حمل من مات من الإناث وولدها في جوفها ويجعلون المرضعة -والله تعالى أعلم- من كانت مرضعة في الدنيا، واحتج بهذا التأويل من يقول أن المرأة إذا ماتت بجنين في بطنها لم يبقر عليه، وهو قول ابن القاسم، خلاف قول أشهب.
(٥) - قوله تعالى: ﴿فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة... ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ومنكم من يرد إلى أرذل العمر﴾:
قال ابن مسعود: سمعت رسول الله ﷺ -وهو الصادق المصدوق- يقول: ((يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يومًا ثم يكون عليقة مثل أربعين يومًا ثم يكون مضغة أربعين ثم يبعث الله ملكًا فيقول اكتب عمله ورزقه وأجله واكتب شقيًا أو سعيدًا... )) الحديث. وقوله: ﴿من تراب﴾، يريد آدم من تراب، فأنتم من تراب لأنكم من نسله، ومن كان أصله تربًا فهو ترب. وقوله تعالى: ﴿ثم من نطفة﴾ يريد المني الذي يكون منه الخلق