رحمه الله تعالى لأن الله تعالى قد جعل درجات خلقه من نطفة إلى علقة إلى مضغة، والنطفة لما كانت المني لم يجب أن تكون الجارية بها أم ولد لأنها بعد لم يحدث فيها الرحم شيئًا لم يكن من قبل، فإذا صار علقة فقد أحدث الرحم فيها شيئًا لم يكن وتغير اسم النطفة واستعدت للتخليق، فمن حينئذ ينبغي أن تكن الجارية أن ولد. وذكر إسماعيل القاضي عن مالك أن الأمة تكون أم ولد بالمضغة التي يعلم أنها مضغة، واحتج بهذه الآية: ﴿مخلقة وغير مخلقة﴾ قال: وبذلك تحرج المرأة من العدة وبه تعتق أم الولد إذا أسقطته بعد موت سيدها. قال: وأما النطفة والعلقة فهي دم فليس ذلك براءة، وأما إذا تبين من الخلق شيء -وإن قل- فهذا يكفن ويغسل إذا تبين الرأس إلى عجب الذنب، وإن لم يتم الخلق، وهذا قول مالك والحجة فيه القرآن. وقوله عز وجل: ﴿مخلقة وغير مخلقة﴾ أخبرنا أن غير المخلقة لها حكم المخلقة بأن يحكم للأمة بحكم أم الولد ولذلك ما جعل في أخلاص المرأة غير عبد أو وليدة إذا تبين بعض الخلق. وذكر أبو الحسن أن الآية تقتضي أن لا تكون المضغة إنسانًا كام اقتضت ذلك في العلقة والنطفة والتراب لأن الله تعالى نبهنا بهذه الآية على كمال قدرته بأن حلق الإنسان من غير إنسان وهي النطفة والمضغة التي لا تخطيط فيها ولا تركيب. فإذا لم يكن إنسانًا جاز أن يقال فيه إنها ليست بحمل كالنطفة.
ويحتمل أن يقال إنه أصل الإنسان الذي انعقد واشتمل عليه الرحم وصار حملًا وليس كالنطفة. وزعم إسماعيل أن قومًا زعموا أن السقط لا تنقضي به العدة ولا تصير به الأمة أم ولد، وزعم أن هذا غلط لأنه تعالى أعلمنا أن المضغة التي هي غير مخلقة قد دخل فيما ذكر من خلق الإنسان. كما ذكر المخلقة ودل على أن كل ما يكون من ذلك إلى خروج الولد من بطن أمه فهو حمل، وقد قال تعالى: ﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾ [الطلاق: ٤] قال وهذا لا حجة فإن الله تعالى لم يذكر أنه


الصفحة التالية
Icon