فلا بد من وجوبه عليه بحكم الخطاب في شرعه. وإن قيل إنما خاطب من لم يحج كان تحكمًا وتخصيصًا بلا دليل ويلزم عليه أن لا يجب في هذا الخطاب على من حج على دين إبراهيم. وهذا غاية في البعد. وفي تقديمه تعالى ذكر الرجال -جمع راجل- على الراكبين دليل على أن المشي في ذلك أفضل من الركوب، وقد قاله ابن عباس وإسحاق. والذي يذهب إليه مالك والشافعي أن الركوب أفضل. وقد استدل بعضهم بهذه الآية على أن فرض الحج على طريق البحر ساقط إذ لم يذكره الله تعالى في الآية. وقد قال مالك في الموازية: لا أسمع للبحر ذكرًا. وهذا الاستدلال ليس بلازم في الآية لأنه لا بد لمن أتى مكة من أحدى هاتين الحالتين: الترجل والركوب، لأنها ليست على ضفة البحر، فالآية جارية على ظاهرها، وقد مر الكلام أيضًا على هذه المسألة. واختلف في المنافع في الآية، فقال أكثرهم هي التجارة، وقال بعضهم: وفي هذا دليل على إباحة التجارة في الحج. وقال قوم أراد بالمنافع الأجر وسائر الآخرة. وقال قوم بعموم الوجهتين وقال إسماعيل القاضي المنافع أعمال الحج مثل شهود عرفة والمزدلفة ومنى وطواف الإفاضة ونحو ذلك لأن الله تعالى إنما قال: ﴿وأذن في الناس بالحج﴾ ولا يصح أن تكون إجابة هذه الدعوة إلا للحج، فلو كانت منافع التاجرة لكانوا فد أجابوا لغير ما دعوا إليه،