وقال أبي بن كعب والضحاك: المعنى لا تحل لك العمات والخالات ونحوهن وأمر مع ذلك أن لا يتبدل بأزواجه التسع ومنع أن يطلق منهن أو يتزوج غيرهن. وقيل من تزوج حصلت في عصمته أي لا يبدلها بأن يأخذ زوجة إنسان ويعطيه هو زوجته. قال ابن زيد هذا الشيء كانت العرب تفعله. وقد أنكر الطبري وغيره هذا المعنى في الآية. والعرب لم يعرف لها أنها كانت تفعل ذلك. وما وري من حديث عيينة بن حصن من أنه دخل على رسول الله ﷺ وعنده عائشة فقال من هذه الحميراء؟ فقال هذه عائشة فقال عيينة يا رسول الله إن شئت نزلت لك عن سيدة نساء العرب جمالًا ونسبًا فليس بتبديل ولا أرى ذلك وإنما احتقر عائشة لأنها كنت صبية. فالآية على القول بأن مقتضاها القصر على من عنده من النساء، قيل إنها محكمة لم ينسخها شيء، إلا أنه يختلف هل هي ناسخة لما كان قبلها من إباحة جميع النساء أم لا؟ وقيل إنها منسوخة. والذين ذهبوا إلى أنها منسوخة اختلفوا في الذي نسخها. فقيل نسختها السنة، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما مات رسول الله ﷺ حتى أحل له جميع النساء. وهذا القول ضعيف لأن الحديث لو كان صحيحًا لما صح النسخ به لأنه خبر آحاد وخبر الآحاد لا ينسخ به القرآن. وقيل هي منسوخة بالقرآن، واختلفوا في الناسخ فقيل قوله تعالى: ﴿ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء﴾ وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس والضحاك. وجائز أن ينسخ الشيء ما بعده لأن القرآن بمنزلة سورة واحدة. على أنه قد روي عن ابن عباس أنه نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا في شهر رمضان وقد أجمع على أن قوله تعالى: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا وصية لأزواجهم﴾ [البقرة: ٢٤٠] منسوخ بقوله بما قبله وهو: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن﴾ [البقرة: ٢٣٤] فهذا مثله. وقد مر الكلام على هذا.