وأراد بالأثارة من البيت من شحم. وقال ابن عباس: المراد بالأثارة الخط في التراب وذلك شيء كانت العرب تفعله وتتكهن به. وروي أن النبي ﷺ سئل عن ذلك فقال: (كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذلك)). وروي فمن وافق علمه. فاحتج كثير من العلماء بالآية على قول ابن عباس وبالحديث المذكور وأجازوا الخط في التراب ورأوا أنه شيء له وجه إذا وفق أحد إليه. وأنكرته طائفة وقالوا إن معنى ما في الحديث في الإنكار -أي أنه كان من فعل نبي- قد ذهب وذهب الوحي إليه والإلهام في ذلك فمن ثم قال: فمن وافق خطه فذلك على جهة الإبعاد أي أن ذلك لا يمكن ممن ليس بنبي ميسر لذلك، وهو كما لو سئل إنسان فقيل له: أيطير الإنسان؟ فيقول: إنما يطير إذا كان له جناحان أي أن ذلك لا يكون.
(٩) -قوله تعالى: ﴿قل ما كنت بدعًا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم﴾:
اختلف في معنى الآية، فذهب ابن عباس وعكرمة وعطاء وغيرهم إلى أن معنى الآية ما ندري ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة. فقالوا وكان هذا في صدر الإسلام ثم بعد ذلك عرفه الله تعالى بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبأن المؤمنين لهم من الله فضل كبير وهو الجنة وأن الكافرين في نار جهنم. والحديث الذي وقع في جنازة عثمان بن مظعون يعضد هذا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: ((فوالله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي)). واختلف الذين ذهبوا إلى هذا هل يقال في نسخ أم لا؟ فقال بعضهم إن هذه الآية منسوخة بسورة الفتح وبقوله في المؤمنين: ﴿وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلًا كبيرًا﴾ [الأحزاب: ٤٧] ولم ير يعضهم هذا نسخًا وهو الصحيح لأنه عليه الصلاة والسلام لا يعرف إلا ما عرف