عامان قد يقعان على الفواحش فيحتمل أن يقال إنما جيء بذلك على جهة التوكيد وإن كان المعنى واحدًا كما قال تعالى: ﴿وغرابيب سود﴾ [فاطر: ٢٧] وقال الشاعر:
من دونها الناي والبعد
ويحتمل أن يقال الإثم والخمر والبغي التطاول على الناس، وعطف الخاص على العام كما قال تعالى: ﴿فيها فاكهة ونحل ورمان﴾ [الرحمن: ٦٨] ويحتمل أن يقال أراد بالفواحش الزنا وبالإثم الخمر وبالبغي التطاول على الناس فتكون هذه الألفاظ كلها علاقة أريد بها شيء خاص. وقد قال ذلك بعض المفسرين وقال بعضهم الفواحش: الكبائر والإثم: الصغائر ثم عطف على الأمرين ما يدخل لا فيهما وهو البغي بغير الحق. والمراد به أن يتجاوز من طلب الأمر الذي يحسن طلبه فإذا تجاوز فهو مذموم. وقد مر الكلام على قول من زعم أن الإثم الخمر والقول به في هذه الآية ضعيف. فإن هذه السورة مكية ولم يأت التحريم للخمر إلا في المدينة بعد أحد. لأن جماعة من الصحابة اصطحبوها يوم أحد وماتوا شهداء وهي في أجوافهم، وأيضًا إن تسمية الخمر إثم إنما هو ضعيف وبيت الشعر الذي أنشد في ذلك قد قيل إنه مصنوع وإن صح فهو على حذف مضاف.


الصفحة التالية
Icon