(٥٥)، (٥٦) - قوله تعالى: ﴿ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين * ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها﴾:
أمر تعالى في هذه الآية بالدعاء ثم قرن بذلك صفات وهو قوله: ﴿تضرعًا﴾ وقوله: ﴿وخفية﴾. فالتضرع يقتضي الجهر بالدعاء لأنه إنما هو مع إعمال شيء من الجوارح في الطلب، والخفية أي في النفس خاصة. وقال بعض العلماء: التضرع والخفية في معنى السر جميعًا وقد أثنى تعالى على ذلك فقال: ﴿إذ نادى ربه نداء خفيًا﴾ [مريم: ٣] وقال عليه الصلاة والسلام: ((خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي)) وعلى الاختلاف في هذا التأويل اختلف السلف في الأفضل. فقيل الخفي هو الذي استحسن جماعة في الدعاء وكرهوا الجهر به فقالوا الذكر بالقلب أفضل. وروي عن عائشة: ((لأن أذكر الله تعالى في نفسي أحب إلي من أن أذكره بلساني سبعين مرة)). وقال آخرون ذكر الله تعالى باللسان أفضل، روي ذلك عن ابن مسعود.
قال الطبري: والصواب أن إخفاء النوافل أفضل وقد استدل أصحاب أبي حنيفة على أن إخفاء التأمين في الصلاة أولى من الجهر بهذه


الصفحة التالية
Icon