لقولهم إن الجمعة لا تجب على من كان خارج المصر فقالوا: لأن الأذان إعلام لمن يحضر، والأذان بعد دخول الوقت. ومعلوم أنه من سمعه على أميال باكر في السعي لا يلحق فيقال لهم معنى قوله تعالى: ﴿إذا نودي للصلاة﴾: إذا قرب وقت النداء للصلاة بمقدار ما يدركها كل ساع إليها، فاسعوا إليها. وليس على أنه لا يجب السعي لها حتى ينادي إليها. والعرب قد تضع البلوغ بمعنى المقاربة كقولهم: إن ابن أم مكتوم كان لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت، أي قاربت الصباح. ومثله: ﴿فإذا بلغن أجلهن﴾ [البقرة: ٢٣٤، الطلاق: ٢] يريد إذا قاربن البلوغ. واختلف متى يتعين الإقبال للصلاة، وهذا الخلاف إنما هو فيمن كان بموضع لا تفوته الجمعة منه إذا سعى إليها مع الأذان. فقيل إذا زالت الشمس، وقيل إذا أذن المؤذن، وهو ظاهر لفظ الآية. واختلف في عدد من تجب عليهم الجمعة. فروي عن أبي هريرة مائتان، وعن عمر بن عبد العزيز خمسون، وعن الشافعي أربعون. وروي عن أبي هريرة وعن مالك في رواية مطرف وابن الماجشون ثلاثون بيتًا وروي بذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعن ربيعة اثني عشر رجلًا عدد الذين بقوا مع النبي ﷺ حين انفضوا إلى العير. وعن عكرمة سبعة أنفس، وعن أبي حذيفة الإمام وثلاثة أنفس معه وهو قول الأوزاعي والمزني وأبي ثور. وعن أبي يوسف والثوري: الإمام ونفسان معه. وعن الحسن بن أبي صالح: الإمام وآخر معه. والمشهور عن مالك أنه لم يحدد عددًا إلا أنه قال: أهل القرية المتصلة البنيان التي فيها الأسواق يجمع أهلها. ومرة لم يذكر الأسواق. قال ابن القصار: ليس أحد هذه الأقوال أولى من صاحبه فيجب الرجوع إلى صفة من خوطب في الآية وأمروا بالسعي إليها وهم قوم لهم بيع وشراء. فيجب طلب قوم هذه صفتهم وليسوا إلا من كان لهم


الصفحة التالية
Icon