إلى أن الأمر أمر إيجاب وأن قيام الليل كان فرضًا إذ نزلت الآية على النبي ﷺ وعلى أصحابه ولم يزل فرضًا على جميع الناس ولكن ليس الليل كله. قال الحسن وابن سيرين: صلاة الليل فريضة على كل مسلم ولو على قدر حلب شاة. إلا أن الحسن قال: من قرأ مائة آية لم يحاجه القرآن. وذهب جماعة إلى أنه منسوخ واختلفوا في تأويلها أيضًا. فقال بعضهم كانت صلاة الليل بالآية فرضًا على النبي ﷺ وحده ثم نسخ عنه ولم يمت إلا والقيام له تطوع. وقال بعضهم كان فرضًا على جميع الناس ثم نسخ. واختلف هؤلاء في مقدار بقائه فرضًا. قال ابن جبير عشر سنين. وقال ابن عباس وعائشة دام عامًا. وقالت عائشة أيضًا في رواية عنها دام ثمانية أشهر. وقال قتادة بقي عامًا أو عامين. وجاء في بعض الأحاديث أنهم كانوا قد قاموا حتى تفطرت أقدامهم وانتفخت ثم نزل الناسخ لذلك وهو قوله تعالى في آخر السورة: ﴿إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه... ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿فاقرأوا ما تيسر منه﴾. وقال بعضهم هو منسوخ بالصلوات الخمس. واختلف الذاهبون إلى هذا أيضًا. فمنهم من قال نسخ الفرض فبقي مباحًا فيكون قوله تعالى: ﴿فاقرأوا ما تيسر منه﴾ أمر إباحة. ومنهم من قال: نسخ الفرض بفرض أخف منه فيكون قوله تعالى: ﴿فاقرأوا ما تيسر منه﴾ أمر إيجاب، وهو قول ابن جبير وجماعة معه، قالوا وهو فرض لا بد منه ولو قدر خمسين آية. واستحسن هذا جماعة من العلماء. قال بعضهم: الركعتان بعد العتمة مع الوتر مدخلتان في حكم امتثال هذا الأمر ومن زاد زاده الله تعالى ثوابًا. وقال بعضهم: وهذا أول ما افترض على رسول الله ﷺ وعلى المؤمنين ثم نسخ ذلك فخفف.
(٤) - قوله تعالى: ﴿ورتل القرآن ترتيلًا﴾:
استدل بعضهم بهذه الآية على أن القرآن بترتيل وتفهم أحسن من الهذ ورووا أن قراءة رسول الله ﷺ كانت مبينة لو شاء أحد أن يعد