يتكلم على عادته في حواره فمنع وبقي ذكر الله ممكنا فكان لا يستطيع كلام الناس إلا بالرمز وهي الإشارة وكان ذكر الله يجري على لسانه سويا كما كان..
وهكذا نقل أهل التفسير أن موسى عليه السلام كان إذا أراد أن يتكلم في شأن تعقد لسانه فإذا قرأ أو بلغ عن الله انطلق لسانه كيف شاء. فهذا تحقيق القول فيه.
وأما من قال إن الشيطان شككه، وقال: من أين تعلم أن هذا صوت ملك إنما هو الشيطان سخر بك؟ فقد بينا في كتاب الأصول والمشكلين وغيرهما أن النبي لا يجوز أن يلتبس عليه الملك بالشيطان في طريق البلاغ عن الله عز وجل، ولو جاز ذلك ما وثقنا بالشريعة، وإنما يخلق الله العلم للنبي بالملك ووحيه ضرورة أو دليلا.
وأما قول شيخنا أبي عبد الله أن ذلك من الخواطر التي لا تدفع فلو كان ذلك ما أجيب بأن يجعل له آية عليه لأن الخواطر المذكورة لا يتعلق بها حكم ولا يكون عليها جواب.
تتميم للمقصود: وأما من قال إن هذه شريعة من قبلنا فإنما يصح هذا لو كانت هذه الآية مكتسبة لزكرياء عليه السلام، وقد بينا أنها كانت ملقاة عليه قهرا فلا يصح التكليف بها. ولو كانت شريعة لقيل له آتيك إذا أمرناك ألا تكلم الناس، وهو إنما قيل له (آيتك ألا تكلم الناس) فالآية إنما جعلت في نفي الكلام لا في الأمر بتركه.
وأما حديث " جابر" فضعيف جدا في السند ضعيف في المعنى لأنه لا صمت يوما إلى الليل ولا أقل منه ولا أكثر.
وأما من قال إنه خبير والأخبار لا تنسخ، فقد بينا أن الخبر ينسخ إذا دخله التكليف لأنه يكون حينئذ خبرا عن الشرع فينسخ الخبر بنسخ المخبر وإنما يمتنع نسخ الذي لا ينسخ مخبره.


الصفحة التالية
Icon