وليس هذا بمنعطف على ما تقدم لأن استثناء الماضي من المستقبل محال والنهي عن المستقبل محال والنهي عن الماضي محال فوجب أن يكون النهي في قوله: ﴿ولا تنكحوا﴾ للاستقبال ووجب أن يكون الثنيا في الماضي بنصها في لفظها. ولأجل هذا الإشكال قال المتكلمون في التفسير: هذا استثناء منقطع ولم يلوكوه هذا اللوك ولا لفظوه هذا اللفظ ولا حبروه هذا التحبير. ولقد وهم فيه عالمان في فنين أحدهما القاضي أبو إسحاق في فنه والثاني أبو العباس بن يزيد في فنه وقد بينا ذلك في ملجئه المتفقهة وفي كتاب الأحكام فهناك ترونه إن شاء الله ولكنه في غريب من مقاطع الكلام لتركيب المعنى على المعنى على اللفظ فإن قوله تعالى: ﴿ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم﴾ نهي عن النكاح على نحو ما كانت الآباء تفعله والنهي مقتض للقبح المقتضي للاجتناب ولما يلحق في ذلك الأبناء من عار فعل الآباء ومقتهم، قيل فيه تطيبا لأنفسهم ﴿إلا ما قد سلف﴾ فعاد ذلك من الاستثناء إلى ما يتعلق بمعنى اللفظ
تكرمة: وكان ذلك لأجل ما جرى من ذلك في عمود نسب رسول الله ﷺ فإن برة أخت تميم بن مر كانت تحت خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر فخلف عليها ابنة كنانة بن خزيمة فولدت له النضر بن كنانة وغيره من ولده إلا عبد مناة بن كنانة. وكذلك كانت ناجية بنت جرم بن زبان من قضاعة تحت سامة بن لؤي فولدت له غالب بن سامة ثم هلك عنها فخلف عليها ابنه الحارث بن سامة. وكذلك كانت واقدة من بني مازن بن صعصعة عند عبد مناف، ولدت له نوفلا وأبا عمرو فهلك عنها وخلف عليها ابنه هاشم بن عبد مناف فولدت له ضعيفة وخلدة، فأنبأنا الله تعالى أن ما جرى من ذلك لا يذكر قولا ولا