وأما قوله: إن معناه ولا ما قد سلف فهو ساقط لغة ومعنى: أما جهة اللغة فلا يصح أن يكون فيها معنى (إلا) معنى (ولا) لتضادهما وضعا وإعرابا، وأما من جهة المعنى فإن قوله: ﴿وأن تجمعوا بين الأختين﴾ معطوف على ما سبق من المنهيات، كلفناه وحملنا عليه، والماضي لا يتعلق به تكليف وكان هذا القول لغوا ساقطا من الجهتين.
الآية الثانية عشرة: قوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ قال بعضهم: لولا ما جاء فيه من النسخ لم يكن تحريم سوى ما في الآية، ولكن حرم الله على لسان رسوله من لم يذكر في الآية وذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها، ومن حرم من جهة الرضاع غير الأم والأخت.
قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:
قد بينا في قسم الأحكام هذه الآية بغاية البيان إملاء في أنواع الفجر وجمعا في الأحكام، وذكرنا خفاءها على العلماء وعلى من تعاطي التفسير في القرآن حتى لقد قال بعضهم: إنه أراد بقوله: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ القرابة. وقال آخرون: أراد ما دون الأربع وقال ثالثون: أراد ملك اليمين، وهذه كلها أقوال ضعيفة صدرت عن رأي ضعيف. فإن المحرمات في الشريعة أكثر من هذا الذي حصروا وأضعاف ما ذكروا، وليس يقتضي عموم، قوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ منع تحريم غيره وتخصيص هذا العموم به كما لم يتقض قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث" زنا، بعد إحصان، أو كفر، بعد إيمان، أو قتل نفس بغير نفس. قتل المسلم بغير ذلك من الأسباب، بل هذا


الصفحة التالية
Icon