أولى بتأكيد المنع، لأن ذلك عموم محتمل للتخصيص وهذا نفي وإثبات فيقتضي بظاهره استغراق النفي وتخصيص المنفي، لم لم يمنع ذلك من قتله بغير ذلك من أسباب القتل العشرة التي عددها علماؤنا فكيف يمنع تحريم ما وراء من ذكر من المعينات في هذه الآيات؟ وقد قال لي بعض الجهابذة: إن المعدد في هذه الآية هو الذي تأبد تحريمه لعينه، لا جرم ما وراءه حلال بحال في وقت وعلى وجه،. وهذا كان يحسن لولا أنه تعترض عليه معان: أقواها أن المعين في المعدد من جهة الصهر في الرضاع أم وأخت وقد قال النبي ﷺ في صحيح الحديث (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وهذا عموم في إلحاق فرع الرضاع بأصل النسب لم يدخله تخصيص بحال، وهو مخصص بعموم قوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ قطعا في البنت من الرضاع والعمة والخالة وبنات الأخ وبنات الأخت منه، وكانت الحكمة في ذلك على ما سطره (النظار أن أصل التحريم إنما هو في مراعاة البعضية) فمن كان بعضا للمرء حرم عليه نكاحه وللبعضية مراتب قريبة وبعيدة ومتأكدة وضعيفة، وأصل البعضية، ما يختلف من جرم، الرجل وأجزائه وهو ماؤه، وفرعها ما ينشر من الارتضاع لحمه وعظمه، فالمنى سبب وجود أصله واللبن سبب وجود وصفه، وكلاهما بعضية فألحق الشرع الفرع في التحريم بالأصل، ويصح في التدقيق أن يقال: إن ذكر الأم والأخت من الرضاع كاف لإلحاق للفرع في المحرم من اللبن بالأصل من الاستيلاد، فلو لم يبين النبي ﷺ أن الارتضاع يحرم ما يحرم الاستيلاد لاقتضاه ذكر الأم والأخت لما فيه من التنبيه على بعض الأصل في الأم والفرعية في الأخت، والأول أقرب إلى الإفهام وأجرى في مأزق الكلام وأبعد في النظر عن الملام.
تقص واستيفاء: وأما قوله: وذلك تحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها فذلك عائد إلى مقصود الزيادة على قوله تعالى: ﴿وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف﴾ فإن الله قسم التحريم في هذه الآية إلى ثلاثة أقسام: