آثارهم قافة فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسمهم وسمل أعينهم وألقوا في الحرة، حتى ماتوا فأنزل الله تعالى: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا﴾ الآية. ومن صحيح حديث سليمان التيمي عن أنس أن النبي عليه السلام إنما سمل أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاء. والحديث متفق عليه من الأئمة. إلا ذكر نزول الآية عليه فلم يخرج في الصحيحين.
قال القاضي ابن العربي رحمه الله:
لا خلاف في صحة الحديث بجميع ألفاظه من طريقه، ولم تتفق الرواة على آية الحرابة نزلت لأجل هذا (وإنما الثابت) أن النبي عليه السلام فعل هذا بالعرنيين فأنزل الله تعالى آية الحرابة. وقد ثبت من هذا الطريق أن الآية نزلت بعد الفعل فيكون الحد فيه، ناسخًا لما فعله النبي عليه السلام بالرعاء. وقد اختار الطبري أن هذه الاية إنما نزلت في اليهود وكانوا أهل موادعة لرسول الله عليه السلام فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض فأخبر الله نبيه بالحكم فيهم وعرفه ذلك وهذا مما لم يصح، والصحيح حديث أنس رضي الله عنه. وقد قال بعضهم: إنها نزلت في المشركين وهو أولى من قول الطبري لأن هؤلاء النفر الذين قدموا على النبي ﷺ واجتووا المدينة لما خرجوا إلى الإبل وشربوا من ألبانها وأبوالها وصحوا ارتدوا وقتلوا الرعاء واحتربوا الإبل ومثلوا برعاتها. ولكن الاحتمال يتطرق إلى قول