قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
قوله تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شنئان قوم﴾ آية نزلت على سبب بيناه في كتاب الأحكام، من أن قوما من الصحابة رضي الله عنهم هموا بأن يغيروا على قوم بسبب آخرين جنوا عليهم، فمنعهم الله من ذلك، وهذا مما لا يتطرق إليه نسخ بحال لأنه حكم اقتضته الحكمة واتفقت عليه الملل، فلا يأمر الله بغيره لأنه من الفحشاء، والله لا يأمر بالفحشاء إنما فيه نكتة لطيفة: وهي أن غارة الصحابة على القوم الذين أرادوا أن يغيروا علهم بسبب الغير الذي اعتدى عليهم، كانت محرمة في ذلك الوقت ثم انتسخها إحلال القتال في الشهر الحرام فصار من معنى الآية وجه منسوخ بتضمين لا يقصد تعد به في ذلك القسم وليس قول مجاهد بصحيح، لأن المطالبة بذحول الجاهلية ليس مما ينسخ لأنه لم يكن حكما فيرتفع بغيره.
الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم﴾ قال بعضهم روى عن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت، رضي الله عنهما، أنهما قالا: هذا ناسخ لقوله تعالى: ﴿ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه﴾.


الصفحة التالية
Icon