قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
والذي يقتضيه النظر في هذا كله، أن الله قال لرسوله يوم الخندق، ﴿إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنونك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله، إن الله غفور رحيم﴾ وفي الحديث الصحيح، قال أبو سعيد رضي الله عنه: خرجنا مع النبي عليه السلام إلى الخندق فكان فتى منا قريب عهد بعرس يستأذن رسوله الله ﷺ بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله. وذكر حديث قتل الجنان بطوله. فلما كان في غزوة تبوك واستنفر الله الناس للخروج إلى الغزو مع رسول الله ﷺ أنزل على رسوله آيات براءة: ﴿يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله﴾ إلى آخرها. قال كعب بن مالك في الصحيح: ولم يكن رسول الله غزا غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله ﷺ في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا وعدوا كثيرا فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي يريد والمسلمون مع رسول الله كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ يريد الديوان فما رجل يريد ان يغيب إلا ظن أنه سيخفي مالم ينزل، فيه قرآن. وذكر حديثه بطوله ﴿وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم﴾ وقريء المعذرون بإسكان العين وكسر الذال تخفيفا، واختلف في ذلك اختلافا كثيرا بيانه في قسم الأحكام وأفاد ذلك كله أن الناس انقسموا أربعة أقسام: قسم خرج