مع رسول الله وهم الأكثر، وقسم اعتذر صادقا منهم المقداد بن الأسود وكان سمينا ومنهم غني ومن القوم ضعيف، ومنهم مريض، وقسم اعتذر كاذبا ولم يستأذن وهو الأقل نفاقا وكفرا وكراهية لله ولرسوله، كأن يرى أنه على حال قد أذن لمن هو على مثلها بالقعود إن قيل لي: لم قعدت؟ قلت: حالي حال فلان وقد أذن له وقيل النبي عليه السلام عذر من اعتذر لحسن أخلاقه وعظم حيائه، وما تقدم من إذن ربه له في قوله تعالى: ﴿فأذن لمن شئت منهم﴾ ولأنمنهم من كان يكره أن يراه في المدينة موضع الأمن، فكيف أن يكون معه في موضع الخوف؟ يزهد فيه ويرغب عنه ويفشل أصحابه ويرجف به ويعظم أمر عدوه، فاغتنم منه أن يقعد بإذن أو بغير إذن. ولقد سافر معه طائفة من المنافقين تأذى بهم وأرادوا الفتك به، ومنهم من قال ائذن في القعود ولا تفتني بحملك لي إلى بنات الأصفر كما أخبر الله تعالى عنهم النبي عليه السلام بظاهر القول وأذن للكل جريا على التأليف وابتدأه تعالى ببيان الحال بعد رجوعه فقال: ﴿لو كان عرضا قريبا﴾ من الدنيا (وسفرًا قاصدًا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون) أنهم لو استطاعوا لخرجوا كاذبين (يهلكون أنفسهم)