باليمين الفاجرة. ثم فاتحه بالتحية مخافة خجلة العتاب فقال تعالى: ﴿عفا الله عنك﴾ لطيب نفسه الكريمة بسماع العفو ويذوق حلاوة المغفرة. وعاتبه بعد ذلك فقال له (لم أذنت لهم) حتى يتبين لك الصادق من الكاذب. وجلى له الحقيقة فقال تعالى: ﴿ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم﴾ وسبقت الكلمة بقعودهم وقيل لهم ﴿اقعدوا مع القاعدين﴾ ثم بين له أن الصواب فيما فعل من الإذن لهم في القعود، فإنهم لو خرجوا ما زادوا إلا خبالا ولسعوا في الفتنة ومشوا في شتات العسكر. وكأنه قوي قلب نبيه عليه السلام على الصرامة في الخروج معه بأن يقول لمن استأذنه في القعود وهو غني صحيح: لا آذن لك ولابد لك من الخروج. كما فعل ذلك في تقوية نفسه والتصريح له بأمره ﴿فقل لن تخرجوا معي أبدًا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين﴾ ولكنه أراد أن يجري الأمر مجرى التمحيص وإخراج ما في القلوب وتمييز الخبيث من الطيب، تعويلا على سابق الإذن له في الإذن لمن شاء منهم فشاء أن يأذن لمن بقي أن يبقى، وشاء الله ذلك صوابا وخيرا بما ظهر من إخبار لله له بأن قعودهم كان أصوب من إخراجهم فأي ذنب ها هنا وأي تقصير؟ بل هو محض التصويب والتمحيص، وأصوب التأويلات ما ذكره الطبري، وتمامه ما شرحناه والله أعلم.
الآية السادسة: قوله تعالى: ﴿إنما الصدقات﴾ الآية. وقال بعضهم هذه الآية نسخت كل صدقة في القرآن.