الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم: ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان وذلك في حجة الوداع، فأبقي عليها اسمها بعد حل القتال فيها، وبين أن حرمتها تتضاعف بقتل الكفار فيها، وبزيادة حرمتها ينبغي ألا يظلم أحد نفسه فيها. فإن الإثم يتضاعف بحرمة الزمان والمكان إلى حرمة الشهر الحرام، وقد بينا في سورة البقرة نسخ تحريم القتال في الأشهر الحرم، وبينا أن آية براءة وهي قوله تعالى: ﴿فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم﴾ نسخ تحريم القتال المشروع في الأشهر الحرم في صدر الإسلام ولم يبق احترام إلا الدين ولا عاصم سوى الإيمان، والأزمان لغو في ذلك. وما كان في الجاهلين وصدر الإسلام منه، قد عوض الله منه كلمة الدين واخوة المسلمين والحمد لله رب العالمين.
الآية الثالثة: قوله تعالى: ﴿ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر﴾ قال ابن حبيب نسختها الآية التي بعدها: ﴿ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله﴾.
قال القاضي محمد بن العربي:
لقد مني ابن حبيب بالوهم أو بنقل ما لم يقل عنه ومنى بالرد ممن لا يعلم: قال بعضهم: وهذا خبر لا ينسخ. ومتى بلغنا إلى هذا الحد وليست الآية في شيء من هذا الغرض! إنما سميت براءة: الفاضحة، لأنه لم يزل ينزل، ومنهم، ومنهم،.. حتى ظننا أنها لا تبقي احدًا، فقال تعالى: ﴿ومنهم من يقول ايذن لي﴾