وهم: قال بعضهم: قوله تعالى: ﴿قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم﴾ نسخها قوله تعالى: ﴿ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ يريد فقد أمن النبي عليه السلام من العذاب.
قال القاضي محمد بن العربي:
قوله تعالى: ﴿قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم﴾ كلام صحيح ثابت محكم معلوم، وذلك أن قريشا قالت للنبي عليه السلام: هذا كلام تسب فيه آلهتنا وتعاب آباؤنا، فأتنا بقرآن غيره لا يكون فيه هذا فنكون أقرب إلى اتباعك فقال له سبحانه قل ليس لي أن أفعل ذلك فإني ﴿أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم﴾ وهذا كما قال: ﴿ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين﴾ وهذا لا يدفعه ما وعد به من المغفرة فإن من قيل له: غفرنا لك ما فعلت وما تفعله لكرمك إنما يقابل هذا بعظم الطاعة والوعد بالامثال أبدًا ما بقي من عمره، فأما أن يقول إني قد أمنت فالآن أعصي لأن ذلك مغفور، فذلك سبب هلاكه وحط منزلته، ولهذا قيل للنبي عليه السلام وقد قام حتى تورمت قدماه: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: (أفلا أكون عبدًا شكورا) وإنما غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر مع عصمته فيما يستقبل من عمره وموافاته على أفضل أحواله. وقد تكلم