قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
ليس يخفي على كل متأمل أن قوله تعالى: ﴿فليمدد له الرحمن مدا﴾ دعاء المعنى من كان في الضلالة فطول الله في طغيانه، ولا خلاف بين الأمة أن الدعاء لا ينسخ بالقتال إنما ينسخ بدعاء يخالفه فإن قيل: فما معنى دعائه بذلك وبمثله قال نوح عليه السلام في زوال الشفاعة عنه يوم القيامة: إني دعوت على قومي فالجواب أن نوحًا عليه السلام لم يدع حتى قال تعالى: ﴿لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن﴾ ومع هذا فإنه حمله الغضب عليهم، بما كانوا تولوا من إذايته واستمروا عليه من الكفر المدد الطويلة أن دعا عليهم ولم يصبر حتى ينفذ حكم الله فيهم، فكأنه استحي من أن يكون عليهم قاسيًا ثم سعود شافعًا، كما استحي عيسى عليه السلام من أن يشفع لهم وقال إني عبدت مندون الله فكره أن يكون شافعا لمن كان على الله مقدما أدبا يليق بمرتبته ويقتضيه شريف منزلته والله أعلم.
الآية الخامسة: قوله تعالى: ﴿فلا تعجل عليهم﴾ قال قوم: نسختها آية السيف.
قال القاضي محمد بن العربي:
ليس في قوله تعالى: ﴿فلا تعجل عليهم﴾ معنى أكثر من أن الله تعالى أمره (بتأخير غرضه من) العذاب فيهم، وأعلمه أنه يعد أنفاسهم كما يعد سنيهم وآجالهم، وهو بعد ذلك آخذهم ومواخذهم يوم يحشر المتقين إليه في كرامة وشرف منزلة. أو