جعل الاستئذان من أجل البصر، فإذا أطلق البصر لهما عليهن لم يلزم الاستئذان فيهن. ثم قال تعالى: ﴿وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا﴾ فيهن بالنطق، حكم من بلغ في الاستئذان، وقد كان تبين بدليل الخطاب حين قال: ﴿والذين لم يبلغوا الحلم﴾ ولكن دليل الخطاب لما كان مختلفا فيه ومشكلا في معانيه بينه بالنطق، الذي لا إشكال فيه وكل ذلك محكم على حاله، وإذا كان للباب غلق فالغلق يلزم الإذن، وإن كان مفتوحا وجب الإذن بالنص، والله أعلم.
الآية التاسعة: قوله تعالى: ﴿ليس على الأعمى حرج﴾ قال بعضهم فيها خمسة أقوال: الأول قال ابن زيد من قوله تعالى: ﴿ولا على أنفسكم﴾ منسوخة بقوله: ﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾ وبالإجماع على تحريم مال المسلم إلا بإذنه. وقاله أبو عبيد.
الثاني: قال ابن عباس رضي الله عنه: لما نزلت: ﴿ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾ امتنع الناس أن يأكل أحد طعام أحد، فنزلت هذه الآية رخصة نسخت ذلك.
الثالث: انها ناسخة لتحرجهم الأكل مع الأعمى.
الرابع: أن الآية محكمة نزلت في المجاهدين يخلفون ويضعون مفاتيحهم عند الناس لعذرهم وعند قرابتهم فأذن الله لهم في الأكل منها.
الخامس: أن قوله تعالى: ﴿ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج﴾ نزل في التخفيف لعذر الجهاد وهو محكم.