والعزم اعتقاد والاعتقاد قبل العمل وأعظم منه بطلانا قول من قال إنهم أولو الصبر، إلا أنه لما زاد الإذاية رجع إلى القول الثامن.
قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
فإذا عرفتم هذا، فالصبر يكون على سماع الباطل، ويكون على رؤيته، ويكون على الإذاية للمأمور به، فإن كان على سماع الكفر ورؤيته من الباطل فهو مخصوص في أهل الحرب بأن أمر بقتالهم، وذلك الصبر عنهم باق في اهل الذمة، مخصوص في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا لم يقدر المكلف على القيام بحقهما في الأمر والنهي، باقي في الذين عجز عن ذلك فيهم للخوف منهم تقية لهم، حسب ما تقدم بيانه في غير موضع.
وأما قوله تعالى: ﴿ولا تستعجل لهم﴾ فيحتمل بالدعاء علهيم ويرجع معنى الآية إلى قوله تعالى: ﴿ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم او يعذبهم فإنهم ظالمون﴾ ويرجع هذا إلى كراهة الدعاء للأنبياء على الكفرة فإنه خارج عن سبيل الصبر وإن كان قد ورد ذلك في مواضع، ولكن الغالب الترك والجري على حكم المقادير وقيل أراد لا تستعجل لهم بالعذاب، فيجري مجرى الوعيد، ومرجع قوله حينئذ إلى أنهم يرون ما يوعدون من العذاب في الدنيا، وقيل أراد به: في قبورهم ويحتمل عند قبض أرواحهم، ويحتمل يوم الحشر ويحتمل الكل، وهو الأولى والأصح لقوله: ﴿لم يلبثوا﴾ التقدير يرون أن مدة الدنيا لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ. حتى هلكوا، وهل يهلك إلا القوم الفاسقون بالبلاغ إليهم والتحذير لهم وإقامة الحجة من الرسل إليهم، وقد قيل إن هذه الآية نزلت يوم أحد حين شج وجهه وكسرت رباعيته ولم يصح، والله أعلم.
وفيها آية اخرى، وهي قوله تعالى: ﴿وما أدري ما يفعل بي ولا بكم﴾ اعتقدها من ليس من أهل الشأن من الناسخ والمنسوخ فقال. ليس في كتاب الله منسوخ طال حكمه كهذا لأنه أقام بمكة عشر سنين، وعيره به


الصفحة التالية
Icon