سورة الذاريات
فيها من النسخ آية واحدة وهي قوله تعالى: ﴿فتول عنهم فما أنت بملوم﴾ قال المفسرون هذا منسوخ بآيات القتال، وقال آخرون هو منسوخ بالإقبال عليهم وتبليغ الرسالة إليهم.
قال القاضي محمد بن العربي رضي الله عنه:
قوله تعالى: ﴿فتول عنهم﴾ حرف مشكل لأنك تقول توليت فلانا وتوليت عن فلان بمعنيين متضادين، وتقول ولني ظهرك ووليت فلانا ظهري وقولنا تولي وزنه تفعل من ولي وهو الولي من القرب، فإذا قلت توليت فلانا تريد اتخذته قرينا أو وليا، وهو منه، وإن قلت: توليت عنه، كان معناه اتخذت سواه، ففي الآية أمر الله تعالى رسوله ﷺ أن يتخذ أولياء سواهم، وهذا أمر بالإعراض عنهم وذلك منسوخ بأمره بالإقبال بالقتال عليهم، لا بالإبلاغ فإنه أبلغ فلم يقبل فأمر بالإعراض والصبر حتى أذن الله في قتالهم واستخراج الإقرار بالسيف منهم.
وفيها آية أخرى من المجمل، وهي قوله تعالى: ﴿وفي أموالهم حق للسائل والمحروم﴾ أخبر الله تعالى أن في الأموال حقا للسائل والمحروم، ولم يفسر حينه ولا حدد مقداره، فقال قوم إنها منسوخة بالزكاة، وقال آخرون إن في المال حقا سوى الزكاة وقد بينا ذلك في مسائل الخلاف وفي قسم الأحكام وليس تقدير الزكاة بناسخ لهذا الحق، بل هو مبين له، وكل صدقة أو حق في كتاب الله تعالى مطلق فالزكاة تقيده وتفسره، حسب ما بينا تفصيله في الأحكام والله أعلم.