التي سكنتم منها مع القدر في السكنين أو في الثاني ولابد. ومن معانيه: أخرجوا عنهن فإن الرجل إذا سكن مع المرأة كانت تبعا ولم يضف إليها سكنى، فإذا خرج عنها كان السكنى مضافا إليها، وانتهى الأمر بين هؤلاء الآيات، وبهذا الجمع البديع والرصف العظيم من العليم الحكيم، إلى أن الزمان مقرر مقدر في كل مطلقة ومتوفي عنها زوجها، والمكان مقدر في الصورتين جميعا، في المطلقة بهذه الآية في هذه السورة وفي سورة البقرة بآية الحول المنسوخة لأن النسخ إنما وقع في بعض الزمان، فأما الإخراج فلم يتعرض له بنسخ فبقي حكه وهذا مما فات علماءنا وعليه دار الموعد وهو الذي تفردت باستخراجه وقد كنت طويت عليه في هذا الإملاء نفسا ثم ألححتم في الموعد، فأنجزناه دينا وبيناه بثلاثة فصول:
الفصل الأول: ما قدمناه في إنجاز الموعد.
الفصل الثاني: تحقيق القول في الآية المنسوخ، بعضها في سورة البقرة قوله تعالى: ﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم﴾ أحلنا عليه الكلام آخرا وأولاد، ها هنا في هذا الكتاب وفي غيره من الأمالي، وكأن هذه الآية تتوقف الأفهام فيها ويغفل العلماء عند تعرضهم لها استيفاء البيان فيها، وإيضاحه.
إن قوله تعالى: ﴿والذين يتوفون منكم﴾ جملة، وقوله تعالى: ﴿ويذرون أزواجا﴾ جملة ثانية وقوله: ﴿وصية لأزواجهم﴾ جملة ثالثة، والجمل إذا اتسقت في الكلام لاتبين معناها الأفهام إلا أن ترتبط في النظام، فإن انفصلت لم تتم الفائدة منها، والذي يربط نظامها ويرجح ميزانها وجهان" إما حرف ضابط أو ضمير عائد حسب ما علم في قانون العربية. وبعد هذا الارتباط لهذين الوجهين، فإن كانت جملة من أفعال وفاعلين، فلها حكمها في الاتصال والانفصال وذلك يتفرع في باب الأخبار عنها. وإن كانت من مبتدأ وخبر فلها قانونها بأن يكون الخبر هو المبتدأ أو غيره فإن كان هو انتظم معه على فائدة فبها ونعمت، وهو كثير، وإن كان غيره فلا