النوع الثالث: تدبره لاستخراج الأحكام منه، سواء كان ذلك مما يتصل بالعقائد، أو الأعمال المتعلقة بالجوارح، أو السلوك؛ إذ الأحكام تشمل ذلك كله بمفهومها الأوسع.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «فمن تدبر القرآن وتدبر ما قبل الآية وما بعدها وعرف مقصود القرآن، تبين له المراد، وعرف الهدى والرسالة، وعرف السداد من الانحراف والاعوجاج» اهـ (١).
وقال: «ومن تدبَّر القرآن طالبًا للهدى منه؛ تبين له طريق الحقِّ» اهـ (٢).
النوع الرابع: تدبره للوقوف على ما حواه من العلوم والأخبار والقصص، وما ورد فيه من أوصاف هذه الدار، وما بعدها من الجنة أو النار، وما وصف الله تعالى فيه من أهوال القيامة ونهاية الحياة الدنيا، وأوصاف المؤمنين والكافرين بطوائفهم، وصفات أهل النفاق، إضافةً إلى الأوصاف المحبوبة لله تعالى، والأوصاف التي يكرهها... إلى غير ذلك مما يلتحق بهذا المعنى.
قال مسروق: «من سَرَّه أن يَعْلَم عِلْم الأولين والآخرين، وعِلْم الدنيا والآخرة؛ فليقرأ سورة الواقعة» (٣).
قال الذهبي: «هذا قاله مسروق على المُبَالَغة، لِعِظَم ما في السورة من جُمَل أمور الدَّارَين، ومعنى قوله: «فليقرأ الواقعة»؛ أي: يقرؤها بتَدَبُّر وتَفَكُّر وحضور، ولا يكن كمَثَل الحمار يَحْمِل أسفارًا» اهـ (٤).
_________
(١) مجموع الفتاوى (١٥/ ٩٤).
(٢) العقيدة الواسطية ص: ٧٤.
(٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٢/ ٩٥).
(٤) سير أعلام النبلاء (٤/ ٦٨).


الصفحة التالية
Icon