ربنا، فيقرأ وهم يسمعون ويبكون (١)،
وكان أصحاب محمد - ﷺ - إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم أن يقرأ القرآن، والباقي يستمعون» اهـ (٢).
وقد قص الله تعالى علينا خبر الجن وما جرى لهم من ذلك، فقال: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ (الأحقاف: ٢٩)، وذم الكافرين فقال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ (فصلت: ٢٦)؛ لأنهم يعلمون أن ذلك الصنيع يحول بينهم وبين القرآن فلا يتأثرون به.
ويحسن التنبيه هنا لأمرين:
الأول: أن ينظر المرء فيما يكون أدْعَى للتدبر بالنسبة إليه: القراءة أو الاستماع؛ فإذا كان الاستماع، فليجعل لنفسه منه حظًّا صالحًا.
الثاني: من المعلوم أن الإنسان قد يتأثر ببعض التلاوات المسموعة أكثر من غيرها، وينجذب قلبه إليها، فيحسن أن يكون سماعه لمن يكون بهذه المثابة، لاسيما إذا كانت القراءة مُسَجَّلة في صلاة؛ فإن ذلك مَظِنَّة التأثر والخشوع، وهو أمر مُشَاهَد.
وأما القراءة: فإنها الطريق إلى التدبر كالاستماع، فإذا راعى القارئ ما ينبغي له عندها، فإن ذلك يكون أدعى للتدبر والانتفاع بها؛ فمن تلك الأمور:
_________
(١) رواه الدارمي (٣٥٣٦)، وأبو عبيد في الفضائل ص: ١٦٣.
(٢) مجموع الفتاوى (١٠/ ٨٠)، رسالة التحفة العراقية.