١ - التهيؤ لها: وذلك من وجوه عدة؛ منها:
أ. اختيار الوقت المناسب، ولا شك أن أفضله ما كان ليلًا، وأفضل ذلك ما كان بعد نوم لمن وُفِّق له، حيث قال - سبحانه وتعالى -: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ (المزمل: ٦)، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: ﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾: «هو أجدر أن يفقه القرآن» (١).
ويقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله - عن مُدَارَسَة جبريل لرسول الله - ﷺ - في كل ليلة من رمضان: «المقصود من التلاوة الحضور والفهم؛ لأن الليل مَظِنَّة ذلك؛ لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية» اهـ (٢).
وقال النووي - رحمه الله -: «ينبغي للمرء أن يكون اعتناؤه بقراءة القرآن في الليل أكثر، وفي صلاة الليل أكثر، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة، وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته؛ لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والمُلْهِيَات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المُحْبِطَات، مع ما جاء به الشرع من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء بالرسول كان ليلًا» اهـ (٣).
وقال الحسن (٤): «إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها بالنهار» (٥).
وقال السَّرِي السَّقَطِي: «رأيت الفوائد تَرِد في ظلام الليل» (٦).
_________
(١) رواه أبو داود (١٣٠٤).
(٢) فتح الباري (٨/ ٦٧٤).
(٣) التبيان ص: ٥٢ - ٥٣.
(٤) في المحرر الوجيز وتفسير الثعالبي: الحسن البصري، وفي التبيان: الحسن بن علي - رضي الله عنه -.
(٥) المحرر الوجيز (١/ ٣٩)، والتبيان ص: ٤٥ - ٤٦، وتفسير الثعالبي (١/ ١٣٤).
(٦) حلية الأولياء (١٠/ ١١٩).