وقال ابن كثير - رحمه الله -: «المطلوب شرعًا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتَفَهُّمه، والخشوع والخضوع والانقياد والطاعة» (١).
ومن هنا ذهب النووي - رحمه الله - إلى أن تحديد مدة لختم القرآن يختلف بحسب الأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفِكْر، اسْتُحِب له أن يقتصر على القدر الذي لا يُخِل بالمقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شُغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يُستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يُخِل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه، من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هَذْرَمة (٢).
وبناء على ذلك يَحْسُنُ أن تكون للمسلم قراءة يَتَدَبَّرُ فيها ولو قلَّت، إن لم يجعل قراءته كلها كذلك.
فيكون له وِرْد للمراجعة أو الحفظ، وآخر للتدبر، فَإِنْ أَبَى فَوِرْدٌ للحفظ أو المراجعة، وآخَرُ للتلاوة والختم، وثالث للتدبر.
د. تكرار الآية أو الآيات أو السورة القصيرة:
فإذا أراد القارئ أن يَتَدَبَّر موضعًا من كتاب الله تعالى يجد فيه عِبْرة أو عِظَة لقلبه، فإنه يُكرر تلاوته ويُردِّدُه؛ حتى يحصل مقصوده، ولو اقتصر عليه في مجلسه أو ليلته بكاملها.
_________
(١) فضائل القرآن ص: ٦٤، ضمن المجلد الأول من تفسير ابن كثير.
(٢) التبيان ص: ٥٠. وينظر: الأذكار ص: ١٥٤.


الصفحة التالية
Icon