بل الحقُّ الذي لا شكّ فيه أنَّ كلَّ من له قدرة من المسلمين، على التعلم والتفهم، وإدراك معاني الكتاب والسنة، يجب عليه تعَلُّمهُمَا، والعمل بما علم منهما...
ومعلوم أن هذا الذمّ والإنكار على من لم يتدبَّر كتاب الله عام لجميع الناس، ومما يوضِّح ذلك أن المُخَاطَبين الأوَّلين به الذين نزل فيهم هم المنافقون والكفار، ليس أحد منهم مُسْتَكْمِلًا لِشروط الاجتهاد المقرَّرة عند أهل الأصول، بل ليس عندهم شيءٌ منها أصلًا، فلو كان القرآن لا يجوز أن ينتفع بالعمل به والاهتداء بهديه إلا المجتهدون بالاصطلاح الأصوليِّ، لَما وبَّخَ الله الكفار، وأنكر عليهم عدم الاهتداء بهداه، وَلَمَا أقام عليهم الحجَّة به حتّى يُحَصِّلُوا شروطَ الاجتهاد المقرَّرة عند متأخِّري الأصوليين، كما ترى» اهـ (١).
وأما انتفاء الموانع:
فإن ما ذُكر من الشروط الأصلية، أو ما يتفرع منها إذا تخلَّف شيء منها كان ذلك عائقًا دون التدبر، وبذلك نستطيع أن نتعرَّف كثيرًا من مُعَوِّقَات التدبر.
ولا بأس هنا أن أُشير إلى جملة منها على سبيل الإيجاز:
أولاً: عدم وجود المَحَل القَابِل، أو ضعفه:
تتنوع القلوب وتختلف أوصافها بحسب ما يقوم بها من الإيمان أو الكفر أو النفاق، أو غير ذلك من الأدواء التي قد تَحُول دون التدبر بالكلية، وقد تُضْعِفه وتُوهِنه.
_________
(١) أضواء البيان (٧/ ٢٥٨)، وينظر منه: (٧/ ٢٩٨، ٣٠٤).


الصفحة التالية
Icon