«ولم يقل: (واستغفرتَ لهم)، وعدل عنه إلى طريقة الالتفات؛ تفخيمًا لشأن رسول الله - ﷺ - وتعظيمًا لاستغفاره» (١).
٢ - قال تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (٦١) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (٦٢) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)﴾ (الإسراء).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «أعاد الضمير ﴿جَزَاؤُكُمْ﴾ بلفظ الخطاب وإن كان ﴿فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ﴾ يقتضي الغَيْبَة؛ لأنه اجتمع مُخاطَب وغائب، فغَلَّب المُخاطَب وجعل الغائب تبعًا له؛ كما كان تبعًا له في المعصية والعقوبة، فحسن أن يُجعل تبعًا له في اللفظ، وهذا من حُسن ارتباط اللفظ بالمعنى واتصاله به» (٢).
٣ - قال تعالى: ﴿فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧)﴾ (طه).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «تأمل قوله تعالى: ﴿فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى﴾، كيف شَرَّك بينهما في الخروج وخص الذَّكَر بالشقاء؛ لاشتغاله بالكسب والمعاش، والمرأة في خدرها» (٣).
_________
(١) الكشاف (١/ ٥٢٨)، وقد سبق قريبًا في أمثلة (الإظهار والإضمار)؛ لكونه يصلح مثالًا لكل من هذين الموضعين.
(٢) بدائع الفوائد (٤/ ١٨٦).
(٣) السابق (٣/ ٢٢٩)، وفيه التفات من التثنية إلى المفرد. وقد مضى قريبًا نحوه فيما يتصل بـ (مرجع الضمير) (ص ٥٩).


الصفحة التالية
Icon