فإن الفاءَ الداخلة على خبر المبتدأ الموصول أو الموصوف تُفْهِم معنى الشرط والجزاءِ، وأن الخبر مُسْتَحَقّ بما تضمنه المبتدأُ من الصِّلَة أو الصفة، فلما كان هنا يقتضي بيان حَصْر المُسَتَحِق للجزاءِ دون غيره، جرد الخبر عن الفاءِ، فإن المعنى:
أن الذي ينفق ماله لله ولا يَمُنّ ولا يُؤذي، هو الذي يستحق الأجر المذكور، لا الذي يُنفِق لغير الله | ويَمُن ويُؤذي بنفقته، فليس المقام مقام شرط وجزاءٍ بل مقام بيان للمُسْتَحِق من غيره، وفي الآية الأخرى للمستحق دون غيره. |
٤ - قال تعالى في سورة البقرة: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤)﴾ (البقرة)، وفي سورة إبراهيم: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٨)﴾ (إبراهيم).
_________
(١) طريق الهجرتين (ص ٣٦٦).