قال ابن جماعة - رحمه الله -: «إن المَثَل هنا للعامل، فكان تقديم نَفْي قُدرته وصِلَتها أنسب؛ لأن ﴿عَلَى﴾ من صِلَة القُدرة، وآية (إبراهيم)؛ المثل للعمل؛ لقوله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ﴾ (إبراهيم: ١٨)، تقديره: مَثَل أعمال الذين كفروا» (١).
٥ - قال تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ (البقرة: ٢٨٢).
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (الطلاق: ٢).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «قال تعالى في شهادة المال: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾ (البقرة: ٢٨٢)، وقال في الوصية والرجعة: ﴿ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ (الطلاق: ٢)؛ لأن المُسْتَشْهِد هناك صاحب الحق، فهو يأتي بمن يرضاه لحفظ حَقّه، فإن لم يكن عدلًا كان هو المُضَيِّع لحقه، وهذا المُسْتَشْهِد يَسْتَشْهِد بحق ثابت عنده، فلا يكفي رضاه به، بل لا بد أن يكون عدلًا في نفسه، وأيضا فإن الله - سبحانه وتعالى - قال هناك: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ﴾؛ لأن صاحب الحق هو الذي يحفظ ماله بمن يرضاه، وإذا قال من عليه الحق: أنا راض بشهادة هذا علي؛ ففي قبوله نزاع، والآية تدل على أنه يُقْبَل، بخلاف الرجعة والطلاق؛ فإن فيهما حقًا لله، وكذلك الوصية فيها حق لغائب» اهـ (٢).
٦ - قال تعالى: ﴿قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٧)﴾ (آل عمران)، وقال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (٤٠)﴾ (آل عمران).
_________
(١) كشف المعاني في المتشابه من المثاني (١/ ١٢٠).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٧٤).