تعالى نبيه - ﷺ - أن يُجيب بأن ذلك هو الله وحده الذي ينزل رزقه على اختلاف أنواعه ومنافعه من السموات السبع. وأما الأرض فلم يَدْعُ السياق إلى جمعها في واحدة من الاثنين؛ إذ يُقر به كل أحد مؤمن وكافر وبَر وفاجر» (١).
١٤ - قال تعالى: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥)﴾ (الواقعة).
وقوله سبحانه: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا (٧٠)﴾ (الواقعة).
قال ابن هبيرة - رحمه الله -: «تأملت دخول اللام وخروجها، فرأيت المعنى: أن اللام تقع للاستقبال؛ تقول: لأَضْرِبَنَّك؛ أي: فيما بَعْد لا في الحال. والمعنى: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا﴾ (الواقعة)؛ أي: في مُسْتَقْبَل الزمان إذا تم فاستحصد، وذلك أشد العذاب؛ لأنها حالة انتهاء تعب الزارع واجتماع الدَّيْن عليه؛ لرجاء القضاء بعد الحصاد، مع فراغ البيوت من الأقوات.
وأما في الماء، فقال: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ (الواقعة: ٧٠)؛ أي: الآن؛ لأنا لو أَخَّرنا ذلك، لشرب العطشان وادخر الإنسان»
(٢).
١٥ - قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)﴾ (المجادلة)، وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٥)﴾ (المجادلة).
قال الإسكافي - رحمه الله -: «للسائل أن يسأل عن خاتمتي الآيتين، وهما: ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ و ﴿عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ وعما أوجب اختصاص كل واحدة منهما بما ذُكِر فيها؟
_________
(١) السابق (١/ ١١٧ - ١١٨).
(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٥٠ - ١٥١).


الصفحة التالية
Icon