٢ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)﴾ (النساء).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «فتأمل كيف اقتضت إعادة هذا المعنى قَولَه تعالى: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ﴾ ولم يقل: (وإلى الرسول)؟ فإن الرد إلى القرآن رد إلى الله والرسول، فما حَكَم به الله تعالى هو بعينه حُكْم رسوله - ﷺ -، وما يحكم به الرسول - ﷺ - هو بعينه حُكْم الله، فإذا رددتم إلى الله ما تنازعتم فيه يعني كتابه فقد رددتموه إلى رسوله، وكذلك إذا رددتموه إلى رسوله، فقد رددتموه إلى الله؛ وهذا من أسرار القرآن» (١).
٣ - قال تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ (التوبة: ١١٢).
قال ابن القيم - رحمه الله -: في بيان وَجْه مَجيء الواو بعد استيفاء الأوصاف السبعة المذكورة في الآية:
«وأحسن ما يُقَال فيها: إن الصفات إذا ذُكِرت في مقام التعداد، فتارة يَتَوسَّط بينها حرف العطف؛ لِتَغَايُرها في نفسها، وللإيذان بأن المُراد ذِكْر كل صفة بِمُفْرَدها، وتارة لا يتوسطها العَاطِف؛ لاتحاد موصوفها وتَلَازُمها في نفسها، وللإيذان بأنها في تَلازُمِها كالصفة الواحدة، وتارة يتوسط العاطف بين بعضها ويُحذف مع بعض بحسب هذين المقامين، فإذا كان المقام مقام تعداد الصفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد، حَسُن إسقاط حرف العطف، وإن أُرِيد الجمع بين الصفات أوالتنبيه على تَغَايُرها، حَسُن إدخال حرف العطف.
_________
(١) الرسالة التبوكية (ص ٤١).