ما يؤخذ من إشارة الآية:
قال ابن القيم - رحمه الله -: «فدلالة لفظها: أنه لا يغيِّر نِعَمه التي أنعم بها على عباده حتى يُغيِّروا طاعته بمعصيته، كما قال في الآية الأخرى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (الأنفال).
وإشارتها: أنه إذا عاقب قومًا وابتلاهم لم يغيِّر ما بهم من العقوبة والبلاء حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم من المعصية إلى الطاعة، كما قال العباس عمُّ رسول الله - ﷺ -: ما نزلَ بلاءٌ إلا بذنب، ولا رُفِع إلا بتوبة (١).
ومنه قول النبي - ﷺ -: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة» (٢) فإذا مَنع الكلب والصورة دخول الملك إلى البيت، فكيف تدخل معرفة الرب ومحبته في قلب ممتلئ بكلاب الشهوات وصُوَرها؟
وكذلك قوله - ﷺ -: «لا أُحِلُّ المسجدَ لحائضٍ ولا جُنُبٍ» (٣)؛ فإذا حرم بيت الرب على الحائض والجنب، فكيف بمعرفته ومحبته والتنعم بذِكْرِه على حائض القلب وجُنُبه؟
فهذه إشارات صحيحة، وهي من جنس مقاييس الفقهاء، بل أصح من كثير منها» (٤).
_________
(١) أخرجه الدينوري في المجالسة (٣/ ١٠٢)، وابن عساكر في التاريخ (٢٦/ ٣٥٩) بإسناد واه.
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٢٢)، ومسلم (٢١٠٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣٢)، وضعفه الألباني في إرواء الغليل (١٢٤).
(٤) الكلام على مسألة السماع (ص ٣٩٧ - ٣٩٨).