ثم قال تعالى: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ (غافر: ٣)، والذنب مخالفة شرعه وأمره، فتضمن هذان الاسمان إثبات شرعه وإحسانه وفضله.
ثم قال تعالى: ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾، وهذا جزاؤه للمذنبين، ﴿ذِي الطَّوْلِ﴾ جزاؤه للمحسنين، فتضمنت الثواب والعقاب.
ثم قال تعالى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ (غافر: ٣)، فتضمن ذلك التوحيد والمعاد.
فتضمنت الآيتان إثبات صفة العلو، والكلام، والقدرة، والعلم، والشرع، والقَدَر، وحدوث العالم، والثواب والعقاب، والتوحيد والمعاد، وتنزيل الكتاب منه على لسان رسوله - ﷺ - يتضمن الرسالة والنبوة؛ فهذه عشرة قواعد الإسلام والإيمان تجلى على سمعك في هذه الآية العظيمة.
ولكن..

خَوْدٌ تُزَفُّ إلى ضرير مُقْعَد .................. (١).
فهل خطر ببالك قط أن هذه الآية تتضمن هذه العلوم والمعارف مع كثرة قراءتك لها وسماعك إياها؟ ! وهكذا سائر آيات القرآن، فما أشَدَّها من حسرة وأعظمها من غَبْنَة على من أفنى أوقاته في طلب العلم، ثم يخرج من الدنيا وما فهم حقائق القرآن ولا باشر قلبه أسراره ومعانيه، فالله المستعان» (٢).
_________
(١) شطر بيت من قصيدته النونية (١/ ١٠٣٧)، وشطره الثاني:
.................. يا مِحْنَة الحَسْنَاء بالعميان
وأصله شطر بيت للحسين بن الحجاج، وشطره الأول:
وكأنها لما أحلت عنده ..................
انظر: المنتحل (ص ١٥٨).
(٢) بدائع الفوائد (١/ ١٩٣ - ١٩٤).


الصفحة التالية
Icon