٨ - قال تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢)﴾ (التكاثر).
عن ميمون بن مِهْران - رحمه الله - قال: «قرأ عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ﴾، فبكى، ثم قال: ﴿حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾: ما أرى المقابر إلا زيارة، ولا بد لمن يزورها أن يرجع إلى الجنة، أو إلى النار» (١).
وقال ابن القيم - رحمه الله -: «وتأمل كيف جعلهم عند وصولهم إلى غاية كل حي زائرين غير مستوطنين، بل هم مُسْتَودَعون في المقابر مدة، وبين أيديهم دار القرار، فإذا كانوا عند وصولهم إلى الغاية زائرين، فكيف بهم وهم في الطريق في هذه الدار؟ ! فهم فيها عابرو سبيل إلى محل الزيارة، ثم مُنتقِلون من محل الزيارة إلى المُستقر» (٢).
الثاني: دلالة الإشارة: (٣) وله صورتان:
الصورة الأولى: ما يُسْتَخْرَج من نص واحد:
التطبيق:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ (البقرة: ١٦٨).
فتسمية استدراج الشيطان (خطواتٍ) فيه إشارتان:
(١) الخطوة مسافة يسيرة؛ وهكذا الشيطان يبدأ بالشيء اليسير من البدعة، أو المعصية، حتى تألفها النفس.
_________
(١) الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا (١/ ٢٧٩).
(٢) عدة الصابرين (ص ١٩٤).
(٣) هو: دلالة اللفظ على معنى ليس مقصودًا باللفظ في الأصل، ولكنه لازم للمقصود، فكأنه مقصود بالتبع لا بالأصل. انظر: التعريفات للجرجاني (١/ ٢٧)، المذكرة في أصول الفقه (ص ٢٨٣).