١٢ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)﴾ (الأنفال).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «أي: الله كافيك، وكافي من اتبعك من المؤمنينَ، فلو كانت كِفَايَته للْمُؤْمِنين المُتبعين للرسول؛ سَوَاء اتَّبعُوهُ أو لم يتبعوه لم يكن للإيمَان واتِّبَاع الرَّسُول ثَمَّ أثر في هذه الكِفَايَة، ولا كان لتخصصهم بذلك معنى، وكان هذا نَظِير أن يقال: هو خالقك وخالق من اتبعك من المؤمنينَ، ومعْلُوم أن المُرَاد خلاف ذلك... والله تعالى إذا وعد على العمل بوعد أو خص أهله بكرامة فلا بد أن يكون بين وجود ذلك العمل وعَدَمه فَرْق في حُصُول تلك الكرامة، وإن كان قد يحصل نظيرها بسبب آخر، فقد يَكْفِي الله بعض من لم يتوكل عليه كالأطفال، لكن لا بد أَن يكون للمتوكل أثر في حصول الكفاية الحاصلة للمتوكلين، فلا يكون ما يحصل من الكفاية بالتوكل حاصلا مُطلقًا وإن عدم التَّوَكُّل» اهـ (١).
١٣ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣)﴾ (التوبة).
قال ابن كثير - رحمه الله -: «فكلما قام ملك من ملوك الإسلام وأطاع أوامر الله، وتوكل على الله، فتح الله عليه من البلاد، واسترجع من الأعداء بحسبه، وبقدر ما فيه من ولاية الله» (٢).
_________
(١) جامع الرسائل (١/ ٨٩، ٩٠)، وفي هذا المعنى قوله: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ (الزمر: ٣٦)، فالعبد هنا مفرد مضاف إلى معرفة -الضمير- وذلك بمعنى العموم، ويوضحه قراءة حمزة والكسائي: ﴿أليس الله بكافٍ عِبَادَه﴾. وذلك يدل على أن للعبد من الكفاية بحسب ما يكون له من تحقيق العبودية.
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٣٩).


الصفحة التالية
Icon