الملل من الأديان، فكأنه قال: ورضيت لكم هذه الملة الخاصة المقابلة لسائر الملل دينا، وهو معنى الذي قبله.
﴿فَمَنِ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ﴾ [المائدة: ٣] عام في المضطر، وهذا مخصوص لعموم التحريم المتقدم في الميتة، وما بعدها وظاهره جواز الأكل مما أهل به لغير الله-عز وجل- وما ذبح على النصب للمخمصة.
﴿يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاُذْكُرُوا اِسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ﴾ (٤) [المائدة: ٤] ليس المراد بها ضد الخبائث المحرمات، إذ كان يصير تقديره، أحل لكم الحلال، وهو دور لا يحصل به جوابهم، وإنما المراد أحل لكم المستلذات والمستطابات، فيكون عاما مخصوصا بما حرم منها كالخمر ولحم الخنزير، والسباع والجوارح، ونحوها من المستلذات المحرمة.
﴿وَما عَلَّمْتُمْ﴾ [المائدة: ٤] أي وأحل لكم صيد الجوارح المعلمة، وهو عام فيه، خص بصور:
منها: ما أمسكه الكلب ونحوه على نفسه لا/ [١٢٩/ل] على صاحبه بدليل ﴿فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤].
ومنها: ما أكل الكلب منه لدلالته على أنه إنما أمسك على نفسه.
ومنها: ما لم يسم الله-عز وجل-على الصائد عند إرساله عليه على خلاف فيه، بدليل ﴿وَاُذْكُرُوا اِسْمَ اللهِ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٤].
﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اِسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ (١٢١) [الأنعام: ١٢١] وغير ذلك من الصور المفصلة في الفقه، والجوارح عام خص بصفة التعليم والتكليب.
﴿فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ [المائدة: ٤] عام خص بما لم يسم عليه على ما مر، وبما شارك الكلب فيه غيره مما يقدح في الحل، ككلب استرسل بنفسه، أو كلب مجوسي، أو ترد من علو أو ماء/ [٦١ ب/م] مغرق أو كان الكلب مغصوبا، إذ صيده لمالكه، أو