الأمة من أهل البيت اثنا عشر على عدد نقباء بني إسرائيل؛ لأن النقباء هنا الشهود بدليل سياق الآية، والأئمة شهود على الأمة؛ لقوله عز وجل: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ (٧١) [الإسراء:
٧١] ولأن الإمام خليفة الرسول، والرسول شاهد على الأمة فكذا خلفاؤه.
واعلم أن هذا تشبيه مجرد عن غير ربط لزومي، وإنما الأشبه بنقباء بني إسرائيل نقباء الأنصار الذين بايعوا بيعة العقبة.
﴿وَقالَ اللهُ إِنِّي مَعَكُمْ﴾ [المائدة: ١٢] أي بالنصرة والإعانة.
﴿وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي﴾ [المائدة: ١٢] عام مطرد في الإيمان بالرسل.
﴿لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ﴾ [المائدة: ١٢] عام في تكفير جميعها، ولا يجوز تخصيصه بالكفر لقوله-عز وجل-: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ اِفْتَرى إِثْماً عَظِيماً﴾ (٤٨) [النساء: ٤٨] لأن تكفير سيئاتهم إنما هو على تقدير الإيمان كما صرحت به الآية، وهو والكفر لا يجتمعان؛ فإذن تكفير السيئات عام مطرد فيما سوى الكفر.
﴿فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ﴾ [المائدة: ١٢] عام مطرد.
﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاِصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (١٣) [المائدة: ١٣] يحتمل أن نقضهم إياه بمخالفة جميع أجزائه وهي الخمسة المذكورة في الآية قبلها «إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والإيمان بالرسل، وتعظيمهم، وإقراض الله-عز وجل-قرضا حسنا» ويحتمل أن نقضه بمخالفة بعض أجزائه، ولو جزء واحد/ [٦٤ ب/م] منه؛ لأن ماهية الجملة تنتفي بانتفاء جزء منها، كالعشرة تنتفي صورتها وماهيتها بعدم واحد منها.
ويحتج القدرية بهذه ونحوها، ووجهه أنه-عز وجل-لعنهم بنقضهم الميثاق، فلو كان نقضه مخلوقا له لكان لاعنا لهم على فعله، وذلك جور. وقد عرف هذا وجوابه غير مرة على رأي الكسبية والمجبرة.