الإسلام وغيرهم مع أهل التوراة.
وروى أبو حنيفة في مسنده بإسناده أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قتل مسلما بذمي، وقال: «أنا أحق من وفى بذمته» (١).
حجة الآخرين أن القصاص شرطه المكافأة ولفظه ينبئ عن ذلك، والعبد لا يكافئ الحر، والذمي لا يكافئ المسلم، والأصلان الأولان مع الحديث الذي رواه ممنوعة. والأصل الثالث منصوص أو متروك بأقوى منه.
﴿وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥] عام يخص بما تعذر فيه ذلك بأن لا يؤمن فيه الحيف كالجائفة ونحوها، وجروح العبد لا يقتص بها من الحر لعدم التكافؤ بينهما، كما مر.
﴿وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ (٤٦) [المائدة: ٤٦] يعني الإنجيل المنزل لا المبدل، فلا حجة في هذه للنصارى كما لا حجة لليهود في التي سبقت.
﴿وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ﴾ (٤٧) [المائدة: ٤٧] كانوا مأمورين بالحكم بالإنجيل المنزل قبل نسخ شريعتهم أو بعده إذا تحاكموا إلى حاكمهم وأمكنه معرفة الحكم المنزل.
﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (٤٨) [المائدة: ٤٨] [يحتمل أن هذا ناسخ لما سبق من تخييره [في الحكم] بينهم، ويحتمل أن المعنى احكم بينهم بما أنزل الله إن اخترت الحكم بينهم، نحو: ﴿وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ﴾


الصفحة التالية
Icon